دليل إجراءات تكوين منظومة القيم المؤسسية أو تحسينها

مدخل

لا‭ ‬تكاد‭ ‬تخلو‭ ‬الخطط‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬يضعها‭ ‬المستشارون‭ ‬للشركات‭ ‬في‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬والقطاع‭ ‬الثالث‭ (‬غير‭ ‬الربحي‭) ‬من‭ ‬منظومة‭ ‬قيمية،‭ ‬لكنها‭ – ‬في‭ ‬الغالب‭ – ‬تُبنى‭ ‬على‭ ‬عجل،‭ ‬ولا‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬دراسات‭ ‬عميقة‭ ‬لواقع‭ ‬المؤسسة‭ ‬وحال‭ ‬أفرادها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬تتوافق‭ ‬أحيانًا‭ ‬مع‭ ‬نشاطها‭ ‬وأهدافها،‭ ‬ولا‭ ‬يُلتفت‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬برامج‭ ‬تمكينها،‭ ‬ولا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المؤسسة‭ ‬عمله؛‭ ‬لتهيئة‭ ‬البيئة‭ ‬الداعمة‭ ‬للقيم‭ ‬والداعمة‭ ‬لها،‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬تظل‭ ‬مجرد‭ ‬كلمات‭ ‬لا‭ ‬يستذكرها‭ ‬أغلب‭ ‬منسوبي‭ ‬المؤسسة‭.‬

‭ ‬وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬اعتماد‭ ‬منظومة‭ ‬قيم‭ ‬مسبقة‭ ‬التكوين،‭ ‬أو‭ ‬إعدادها‭ ‬بشكل‭ ‬سريع‭ ‬دون‭ ‬الاستناد‭ ‬إلى‭ ‬منهجية‭ ‬علميّة‭ ‬واضحة‭ ‬لتكون‭ ‬منظومة‭ ‬معتمدة‭ ‬لأي‭ ‬بيئة‭ ‬من‭ ‬البيئات‭ ‬يعتبر‭ ‬خطأً‭ ‬منهجياً‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرنا؛‭ ‬لأسباب‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬أهمها‭: ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬بيئة‭ ‬خصوصيتها‭ ‬الثقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والسياسية،‭ ‬ونوعية‭ ‬الأفراد‭ ‬المنضوين‭ ‬تحتها،‭ ‬فلا‭ ‬يجوز‭ ‬استنساخ‭ ‬قيم‭ ‬بيئات‭ ‬أخرى‭ ‬لها؛‭ ‬لأنه‭ ‬لن‭ ‬يفيدها،‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬تشابهت‭ ‬خصائص‭ ‬البيئات‭ – ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬مستبعد‭ – ‬فإن‭ ‬السياق‭ ‬الزمني‭ ‬يتحرك،‭ ‬وما‭ ‬يصلح‭ ‬بالأمس‭ ‬لا‭ ‬يصلح‭ ‬اليوم،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأولويات‭ ‬قد‭ ‬تتغير‭ ‬وفقًا‭ ‬للظروف‭ ‬العامة،‭ ‬ولرؤية‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬البيئة‭ ‬وأهدافه‭. ‬وإننا‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬مهمة‭ ‬تكوين‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬أو‭ ‬تحسينها‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية،‭ ‬ومن‭ ‬الأفضل‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬عبر‭ ‬منهجية‭ ‬علميّة‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬منظومة‭ ‬تدعم‭ ‬أهداف‭ ‬المؤسسة‭ ‬التي‭ ‬وضعتها‭. ‬وفيما‭ ‬يلي‭ ‬استعراض‭ ‬موجز‭ ‬لدليل‭ ‬تكوين‭ ‬أو‭ ‬تحسين‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬المؤسسية‭ ‬والذي‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬أربع‭ ‬خطوات‭ ‬هي‭:‬

  • ‭‬التشخيص‭.‬
  • ‬اختيار‭ ‬أو‭ ‬تحسين‭ ‬قيم‭ ‬المنظومة‭ ‬وتحكيمها‭.‬
  • ‬بناء‭ ‬التعريفات‭ ‬وتحديد‭ ‬المكونات‭.‬
  • ‬إعداد‭ ‬وثائق‭ ‬المنظومة‭.‬‭ ‬

وقد أعددنا دليلًا منهجيًا علميًا لتكوين منظومة القيم، وهو جزء من مجموعة من الأدلة التطبيقية لإجراءات تمكين القيم، والشكل التالي يوضح موقعه من بقية الأدلة الإجرائية لمنهجية الرواد في بناء القيم وتمكينها.

التشخيص

تفرض المنهجية العلميّة على من يريد تكوين منظومة قيم مؤسسية، أو يرغب في تحسينها أن ينطلق من وفق بيانات واضحة وشاملة عن وضع المؤسسة وواقعها الحالي وطموحها البعيد، بإجراء تشخيص دقيق يشمل الموارد البشرية والمادية، بغية الحصول على تصوّر أولي عن الواقع في المؤسسة.
وتأخذ هذه الخطوة مسارين اثنين في إجراءاتها الأولى؛ استنادًا إلى وجود قيم معتمدة للمؤسسة أو عدم وجودها، كما يلي:

المسار‭ ‬الأول‭: ‬للمؤسسات‭ ‬التي‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬منظومة‭ ‬قيم‭ ‬معتمدة‭:‬

في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬سيكون‭ ‬التشخيص‭ ‬موجهًا‭ ‬نحو‭ ‬واقع‭ ‬المؤسسة‭ ‬ذاتها،‭ ‬وإجراء‭ ‬بعض‭ ‬المقارنات‭ ‬المرجعية،‭ ‬ومدى‭ ‬معرفة‭ ‬واهتمام‭ ‬العاملين‭ ‬فيها‭ ‬بموضوع‭ ‬القيم،‭ ‬وستنحصر‭ ‬الإجراءات‭ ‬المقترحة‭ ‬في‭ ‬إجراءين‭ ‬هما‭:‬

‭ ‬1- ‬التشخيص‭ ‬الذاتي‭ ‬العام‭:‬

وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬تطبيق‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬المقاييس‭ ‬العامة‭ ‬غير‭ ‬مرتبطة‭ ‬بقيم‭ ‬معينة،‭ ‬تقوم‭ ‬المؤسسة‭ ‬بتطبيقها‭ ‬ذاتيًا،‭ ‬ونتيجتها‭ ‬تُعطي‭ ‬صاحب‭ ‬القرار‭ ‬مؤشرًا‭ ‬أوليًا‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬حاجة‭ ‬مؤسسته‭ ‬إلى‭ ‬تكوين‭ ‬منظومة‭ ‬قيم،‭ ‬حيث‭ ‬يعمل‭ ‬الخبراء‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬مقاييس‭ ‬التشخيص‭ ‬الذاتي،‭ ‬مستهدفين‭ ‬بذلك‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬بالمؤسسة،‭ ‬من‭ ‬منسوبين‭ ‬ومدى‭ ‬وعيهم‭ ‬بالقيم،‭ ‬وضرورة‭ ‬الاحتكام‭ ‬لها،‭ ‬والسير‭ ‬في‭ ‬ضوئها،‭ ‬وكذلك‭ ‬يشمل‭ ‬التشخيص‭ ‬وثائق‭ ‬المؤسسة‭ ‬من‭ ‬خطط‭ ‬استراتيجية‭ ‬وتنفيذية،‭ ‬وأدلة‭ ‬إجراءات‭ ‬العمل،‭ ‬والتقارير‭ ‬الدورية،‭ ‬وتوجهات‭ ‬الملاك‭ ‬والقيادات،‭ ‬وربما‭ ‬يشمل‭ ‬التشخيص‭ ‬تحليل‭ ‬آراء‭ ‬المستفيدين‭ ‬من‭ ‬خدمات‭ ‬أو‭ ‬منتجات‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وخاصة‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المماثلة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬النشاط،‭ ‬وأفضل‭ ‬التجارب،‭ ‬ويستخدم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بعض‭ ‬أدوات‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬مثل‭: ‬حلقات‭ ‬النقاش‭ ‬المركز،‭ ‬والاستبانة‭ ‬الورقية‭ ‬والإلكترونية،‭ ‬والعصف‭ ‬الذهني،‭ ‬والزيارات‭ ‬الميدانية‭ ‬وتحليل‭ ‬الوثائق،‭ ‬والملاحظة‭ ‬والمقابلة‭ ‬المعمقة‭.‬

2-الدراسة‭ ‬الذاتية‭ ‬والتشخيص‭ ‬الخارجي‭ ‬لاختيار‭ ‬منظومة‭ ‬قيم‭:‬

وهذا‭ ‬الإجراء‭ ‬أوسع‭ ‬من‭ ‬الإجراء‭ ‬السابق،‭ ‬ويساند‭ ‬في‭ ‬تنفيذه‭ ‬خبراء‭ ‬ومُقيمين‭ ‬خارجيين،‭ ‬ونتيجته‭ ‬تساعد‭ ‬صاحب‭ ‬القرار‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬المعايير‭ ‬التي‭ ‬على‭ ‬ضوئها‭ ‬يختار‭ ‬القيم‭ ‬المكوّنة‭ ‬لمنظومة‭ ‬قيم‭ ‬مؤسسته،‭ ‬والهدف‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬الدراسة‭ ‬الذاتية‭ ‬بالتشخيص‭ ‬الخارجي،‭ ‬لضمان‭ ‬واقعية‭ ‬البيانات،‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬تقييم‭ ‬للواقع‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬زاوية‭..‬

المسار‭ ‬الثاني‭: ‬للمؤسسات‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬منظومة‭ ‬قيم‭ ‬معتمدة‭:‬

وسيكون‭ ‬التشخيص‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬لواقع‭ ‬المؤسسة‭ ‬ذاتها‭ ‬ولقيمها‭ ‬المعلنة،‭ ‬وإجراء‭ ‬بعض‭ ‬المقارنات‭ ‬المرجعية‭ ‬مع‭ ‬أفضل‭ ‬الممارسات‭ ‬وأنجح‭ ‬التجارب‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬القطاع‭ ‬والنشاط،‭ ‬ولها‭ ‬منظومة‭ ‬قيم‭ ‬مفعلة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تشخيص‭ ‬مدى‭ ‬تمثّل‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬لقيم‭ ‬مؤسستهم،‭ ‬وارتباط‭ ‬ممارساتهم‭ ‬المهنية‭ ‬بقيم‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وستكون‭ ‬الإجراءات‭ ‬المقترحة‭ ‬كما‭ ‬يلي‭:‬

1-‭ ‬التشخيص‭ ‬الذاتي‭ ‬الموّجه‭:‬

وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬تطبيق‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬المقاييس‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالقيم‭ ‬المعتمدة‭ ‬في‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وتقوم‭ ‬المؤسسة‭ ‬بتطبيقها‭ ‬ذاتيًا،‭ ‬ونتيجتها‭ ‬تعطي‭ ‬صاحب‭ ‬القرار‭ ‬مؤشرًا‭ ‬أوليًا؛‭ ‬لحاجة‭ ‬مؤسسته‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬منظومتها،‭ ‬وبرامج‭ ‬تمكينها،‭ ‬أو‭ ‬الإبقاء‭ ‬عليها‭ ‬دون‭ ‬تحسين‭.‬

2-‭ ‬الدراسة‭ ‬الذاتية‭ ‬والتشخيص‭ ‬الخارجي‭ ‬لمنظومة‭ ‬القيم‭:‬

وهذا‭ ‬الإجراء‭ ‬أوسع‭ ‬من‭ ‬الإجراء‭ ‬السابق‭ ‬ويساند‭ ‬في‭ ‬تنفيذه‭ ‬خبراء‭ ‬ومُقيّمين‭ ‬خارجيين‭ ‬ونتيجته‭ ‬تساعد‭ ‬صاحب‭ ‬القرار‭ ‬على‭ ‬مؤشرات‭ ‬أكثر‭ ‬عمقًا‭ ‬وتركيزًا‭ ‬لحاجة‭ ‬مؤسسته‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬منظومتها‭ ‬وبرامج‭ ‬تمكينها‭ ‬أو‭ ‬الإبقاء‭ ‬عليها‭ ‬دون‭ ‬تحسين،‭ ‬والهدف‭ ‬منه‭ ‬تعزيز‭ ‬البيانات‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬التشخيص‭ ‬الذاتي،‭ ‬وتدعيم‭ ‬صاحب‭ ‬القرار‭ ‬برؤية‭ ‬للواقع‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬أخرى‭.‬

وقد أعددنا دليلًا منهجيًا علميًا لتكوين منظومة القيم، وهو جزء من مجموعة من الأدلة التطبيقية لإجراءات تمكين القيم، والشكل التالي يوضح موقعه من بقية الأدلة الإجرائية لمنهجية الرواد في بناء القيم وتمكينها.

اختيار أو تحسين منظومة القيم وتحكيمها

لكل بيئة خصوصيتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وخصوصية الأفراد المنتسبين إلى هذه البيئة، وحتى لو تشابهت سمات البيئات – وهذا أمر مستبعد – كما أن السياق الزمني يتحرك، وما يصلح بالأمس لا يصلح اليوم، بالإضافة إلى أن الأولويات قد تتغير وفقًا للظروف العامة ولرؤية وأهداف المسؤول عن البيئة، ومن ثم فإن عمليات الاستنساخ لقيم منظمات مماثلة أو اعتماد منظومة قيم مسبقة الصنع أمرٌ غير مفيد، وغير عمليّ.

بل‭ ‬الصواب‭ ‬هو‭ ‬تكوين‭ ‬أو‭ ‬تحسين‭ ‬منظومة‭ ‬قيم‭ ‬مؤسسية‭ ‬خاصة‭ ‬بالمؤسسة،‭ ‬وبيئتها‭ ‬الداعمة‭ ‬لمنسوبيها،‭ ‬وفقًا‭ ‬لرؤيتها‭ ‬ورسالتها،‭ ‬وأهدافها‭ ‬الاستراتيجية‭. ‬

مع‭ ‬الأخذ‭ ‬بالاعتبار‭ ‬القيم‭ ‬الشائعة‭ ‬عالميًا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬القطاع،‭ ‬والسياق‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬تنشط‭ ‬فيه‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وآراء‭ ‬الخبراء‭ ‬والملاك‭ ‬والمستفيدين‭ ‬من‭ ‬خدماتها‭ ‬ومنتجاتها‭. ‬

وعلى‭ ‬ذلك‭ ‬فإننا‭ ‬نقترح‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬عملية‭ ‬تكوين‭ ‬أو‭ ‬تحسين‭ ‬قيم‭ ‬منظومات‭ ‬المؤسسات‭ ‬وفق‭ ‬توجهات‭ ‬رئيسة،‭ ‬ومعايير‭ ‬تضبط‭ ‬عملية‭ ‬اختيار‭ ‬القيم‭ ‬المناسبة‭ ‬وهي‭:‬

1-‭ ‬رؤية‭ ‬ورسالة‭ ‬والأهداف‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للمؤسسة‭.‬

2-‭ ‬القيم‭ ‬الشائعة‭ ‬عالمياً‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬قطاع‭ ‬ونشاط‭ ‬المؤسسة

3-‭ ‬آراء‭ ‬ذوي‭ ‬العلاقة‭ ‬بالمؤسسة‭ ‬وأصحاب‭ ‬المصلحة‭ ‬الداخليين‭ ‬والخارجيين‭ ‬

4-‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬المنظومات‭ ‬المؤسسية‭ ‬الماثلة‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالممارسات‭ ‬الفضلى‭ (‬Best Practices‭).‬

5-‭ ‬الدراسات‭ ‬والأبحاث‭ ‬العلميّة‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬وبالذات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬القيم‭ ‬المؤسسية‭.‬

6-‭ ‬السياق‭ ‬العام‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيله‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسياسي‭ ‬والاجتماعي‭. ‬

ويمكن‭ ‬إضافة‭ ‬موجهات‭ ‬ومعايير‭ ‬أخرى‭ ‬بالتحاور‭ ‬مع‭ ‬أصحاب‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬المؤسسة،‭ ‬أو‭ ‬استثناء‭ ‬بعضها‭ ‬حسب‭ ‬رؤية‭ ‬صاحب‭ ‬القرار،‭ ‬فالمهم‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬موجهات‭ ‬ومعايير‭ ‬واضحة؛‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬قيم‭ ‬جديدة‭ ‬أو‭ ‬تحسين‭ ‬لمنظومة‭ ‬قيم‭ ‬معتمدة؛‭ ‬تدعم‭ ‬وتساند‭ ‬المؤسسة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها‭.‬

ثم‭ ‬تُعرض‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬المقترحة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬ذوي‭ ‬العلاقة‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬للاسترشاد‭ ‬برأيهم،‭ ‬كما‭ ‬تعرض‭ ‬على‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬الخارجيين‭ ‬لتحكيمها‭ ‬وإبداء‭ ‬مرئياتهم‭ ‬حولها‭.‬

ومخرج‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭: ‬بناء‭ ‬تصور‭ ‬أولي‭ ‬لمنظومة‭ ‬القيم‭ ‬الجديدة‭ ‬أو‭ ‬المحسنّة‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬تحليل‭ ‬الواقع‭ ‬وفق‭ ‬الموجهات‭.‬

وقد أعددنا دليلًا منهجيًا علميًا لتكوين منظومة القيم، وهو جزء من مجموعة من الأدلة التطبيقية لإجراءات تمكين القيم، والشكل التالي يوضح موقعه من بقية الأدلة الإجرائية لمنهجية الرواد في بناء القيم وتمكينها.

بناء التعريفات وتحديد المكونات

القيم كلمات مجرّدة، وتحتاج إلى تعريف وتبسيط حتى تتحول إلى كيانات واضحة المعالم، يمكن لمنسوبي المؤسسة فهمها وتمييز كل قيمة عن الأخرى، فدلالة القيمة لغويًا بشكل عام قد تكون متقاربة بين قطاعات الأعمال ومجالاتها، ولذا من اللازم أن تواءم وتحدد دلالتها وفق مجال عمل المؤسسة ونشاطها ونطاق خدمتها، ومن ثم تحديد المكونات الفرعية لكل قيمة وتجزأتها إلى عناصر ومكونات أصغر، ثم إعادة بنائها والتأليف بينها؛ لتكون كتلة معرفية متكاملة، فلكل قيمة أصلية قيم فرعية تتكون منها، وإعمال التفكير في القيمة الأصلية وإخضاعها للتحليل الدقيق والنظر إليها من زوايا عدة يساعد في تكوين منظومة قيم مترابطة ومتماسكة ويعزز بعضها بعضاً، ويتم اعتمادها من قبل قيادة المؤسسة تمهيداً لإعلانها.
تهدف هذه الخطوة إلى تحديد ماهية كل قيمة من قيم المنظومة، وفقًا للمؤسسة، وتحديد ما يراد منها، ومن مكوناتها الفرعية، حتى يسهل الوعي بها، وتمييزها عن غيرها من قيم المنظومة، بل وعن المراد بها في مؤسسة أخرى لو اتحد مسمى القيمة.
ومخرج هذه الخطوة: منظومة قيم معتمدة ومعرّفة بكل تفاصيلها، ومتوائمة مع المؤسسة ونوعها ونشاطها وحجمها ورؤيتها ورسالتها واستراتيجيتها.

إعداد وثائق المنظومة وإعلانها

يقوم خبراء من ذوي التخصص بعلم الإدارة وعلم النفس وعلم الاجتماع والتسويق، بإعادة إنتاج المعرفة الناتجة من الخطوات السابقة، وإخراجها على شكل وثائق متعددة، بصورة أكثر تركيزًا، وتراعي خصوصية المؤسسة وهويتها، بحيث تشمل هذه الوثائق كل ذوي العلاقة بالمؤسسة كل فيما يخصه، ليقتنع بها الجميع، ويحتكمون إليها، وسيكون مخرج الخطوة الرابعة والأخيرة؛ مجموعة من الوثائق كما يلي:

‭(‬1‭) ‬كتيب‭ ‬القيم‭: ‬الذي‭ ‬يعني‭ ‬بتوضيح‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬المؤسسية‭ ‬ومكوناتها‭ ‬وتعريفاتها‭ ‬والعوائد‭ ‬الإيجابية‭ ‬والثمار‭ ‬النافعة‭ ‬من‭ ‬تمسك‭ ‬منسوبي‭ ‬المؤسسة‭ ‬بمنظومة‭ ‬قيمها‭.‬

وكذلك‭ ‬العوائد‭ ‬الإيجابية‭ ‬على‭ ‬المؤسسة‭ ‬من‭ ‬توفيرها‭ ‬متطلبات‭ ‬البيئة‭ ‬الحاضنة‭ ‬والداعمة‭ ‬للقيم‭.‬

‭(‬2‭) ‬مدونة‭ ‬السلوك‭:‬‭ ‬وثيقة‭ ‬توجه‭ ‬إلى‭ ‬منسوبي‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وتهتم‭ ‬ببيان‭ ‬إجراءات‭ ‬التطبيق‭ ‬العملي‭ ‬لمنظومة‭ ‬القيم،‭ ‬لذا‭ ‬فهي‭ ‬تعرض‭ ‬القواعد‭ ‬العملية‭ ‬والمعايير‭ ‬الأخلاقية‭ ‬المنظمة‭ ‬للسلوك‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسة،‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يلتزم‭ ‬بها‭ ‬الجميع‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬أياً‭ ‬كانت‭ ‬مواقعهم‭ ‬الإدارية‭. ‬

‭(‬3‭) ‬ميثاق‭ ‬الشراكة‭:‬‭ ‬تعمل‭ ‬المؤسسات‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬قطاع‭ ‬كان،‭ ‬ضمن‭ ‬علاقات‭ ‬متداخلة‭ ‬يمكن‭ ‬توزيعها‭ ‬في‭ ‬حزمتين‭: ‬أصحاب‭ ‬المصلحة‭ ‬الداخليين‭ ‬وأصحاب‭ ‬الخارجيين،‭ ‬وهذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬تعكس‭ ‬تقدير‭ ‬المؤسسة‭ ‬واحترامها‭ ‬للطرفين،‭ ‬وتحرص‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬علاقات‭ ‬إيجابية‭ ‬ومنتجة‭ ‬مستديمة‭ ‬وفاعلة‭ ‬معهم،‭ ‬لذا‭ ‬فهي‭ ‬تنبثق‭ ‬من‭ ‬منظومة‭ ‬القيم؛‭ ‬لتضبط‭ ‬العلاقات‭ ‬كافة،‭ ‬وتترجمها‭ ‬إلى‭ ‬التزامات‭ ‬تجاههم‭ ‬جمعيًا‭.‬

‭(‬4‭) ‬مصفوفة‭ ‬القيم‭ ‬والاستراتيجية‭:‬‭ ‬وهي‭ ‬الوثيقة‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬تقاطعات‭ ‬القيم‭ ‬مع‭ ‬الأهداف‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬وتصف‭ ‬موقع‭ ‬القيم‭ ‬المؤسسية‭ ‬في‭ ‬الخطة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للمؤسسة،‭ ‬وتعرض‭ ‬الإجراءات‭ ‬المتوقعة‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬القيام‭ ‬بها‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬منظومة‭ ‬القيم،‭ ‬ودعمًا‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬كما‭ ‬تصف‭ ‬الأدوار‭ ‬المتوقعة‭ ‬من‭ ‬المؤسسة‭ ‬تجاه‭ ‬أصحاب‭ ‬المصلحة‭.‬

وحين‭ ‬تكتمل‭ ‬وثائق‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬المؤسسية‭ ‬تقوم‭ ‬الإدارة‭ ‬المعنية‭ ‬بعمل‭ ‬خطة‭ ‬لنشر‭ ‬ومشاركة‭ ‬المعرفة‭ ‬ليكون‭ ‬جميع‭ ‬ذوي‭ ‬العلاقة‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بمنظومة‭ ‬قيم‭ ‬المؤسسة‭. ‬وعند‭ ‬استكمال‭ ‬الخطوات‭ ‬الأربع‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬أو‭ ‬تحسينها؛‭ ‬ستظهر‭ ‬بجلاء‭ ‬صورة‭ ‬واضحة‭ ‬وشاملة‭ ‬لمنظومة‭ ‬قيم‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وأنها‭ ‬ليست‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الكلمات‭ ‬المختارة‭ ‬دون‭ ‬تركيز‭ ‬والمعروضة‭ ‬على‭ ‬جدرانها‭.‬

وقد أعددنا دليلًا منهجيًا علميًا لتكوين منظومة القيم، وهو جزء من مجموعة من الأدلة التطبيقية لإجراءات تمكين القيم، والشكل التالي يوضح موقعه من بقية الأدلة الإجرائية لمنهجية الرواد في بناء القيم وتمكينها.