أسس فهم القيم

مقدمة

أفادتنا المعرفة المتراكمة والأُطر الفكرية والنظرية والدراسات السابقة التي أمكننا الاطلاع عليها حول القيم، في تطوير فلسفةٍ لفهم القيم ومنظوماتها، ومنهجيات قياسها، وتمكينها.
واستندنا إلى أُسسٍ عامة، وجهت عملنا في بناء القيم وتمكينها، بدءاً من تحديد مصطلح القيم، وبيان الإشكال فيه بين المفكرين والباحثين، وتوضيح الفرق بين القيم وبين المفاهيم القريبة منها؛ مثل الأخلاق والمبادئ، وذلك لتحديد المفاهيم المتعلقة بالقيم بشكلٍ دقيق، ومرورًا بتفصيل الحديث عن موضوع التربية وارتباطه بالقيم ثم تناولنا أهم المعايير التي اتبعها الباحثون في تصنيفهم للقيم ومنظوماتها المختلفة. وصولًا إلى اعتماد معيار لتصنيف القيم ومنظوماتها، المتمثل في البيئة الداعمة للأفراد، وأن المسؤول عن تكوينها وتمكينها هو الراعي والمالك لتلك البيئات، وأخيرًا تحديد أبعاد القيم المكونة لها، وفيما يلي بيان ذلك:

أُسس في فهم القيم

بعد مراجعتنا الواسعة للأدب المتوافر حول القيم، ودراستنا لبعض المشاريع المتخصصة فيه، وبعد عدد كبير من جلسات النقاش المركز بين مستشارينا، فقد تبنيّنا وطوّرنا عددًا من الأسس التي قادت ووجّهت فهمنا وفلسفتنا لموضوع القيم بوجهٍ عام، منها:

  • وجود إشكال واضح في مصطلح القيمة ومفهومها في مجالات العلوم المختلفة.
  • القيم عالمية؛ وتتفق عليها أغلب الشرائع والثقافات والأعراق والشعوب.
  • تنقسم البيئات الحاضنة للأفراد؛ إلى بيئات المنظمات، وبيئة المجتمع وبيئة الوطن، فالأسرة ومؤسسات التعليم ومؤسسات القطاع العام والخاص والثالث (غير الربحي)، كلها منظمات أفرادها محددون، وخاضعون لنظام، ولكل بيئة منها قائد متفق عليه، أما بيئات المجتمعات الصغيرة والكبيرة؛ فليس لها نظام واضح أو تنظيم للعلاقات، وليس لها في الغالب أي قائد متفق عليه، بخلاف الوطن الذي هو شكل من أشكال المجتمع، لكن له قائد متفق عليه.
  • الراعي والمالك للبيئات الحاضنة؛ هو المسؤول عن تكوين قيمها عند الأفراد المنتمين لتلك البيئات.
  • تساهم مؤسسات المجتمع المدني كافةً، ووسائل التواصل الاجتماعي – كمؤثرين غير مسؤولين – بشكلٍ فاعلٍ في التأثير في قيم جميع البيئات الحاضنة.
  • البيئة الحاضنة باختلاف أنواعها، وإن كانت لها قيم معينة ومعلنة فأثرها نسبي: فالقيم لا تعني شيئًا ما لم يكتسبها الفرد، بصرف النظر عن قيمه الشخصية التي يدعيها.
  • تهيئة البيئة الحاضنة لتكون بيئة داعمة للقيم، فهي سبب رئيس في اكتساب الأفراد للقيم وتمكينها لديهم.
  • قد تتوافق القيم الشخصية للفرد مع قيم المنظمة الحاضنة له، وقد لا تتوافق في مجموعها أو في بعضها، وقد تتوافق أيضًا في نوعها ودرجة اكتسابها.
  • تختلف القيم من فرد إلى آخر، ومن منظمة – كيان اعتباري – إلى أخرى؛ تبعًا لتغير الأهداف أو الأولويات، كما أن قيم البيئة الحاضنة قد تتغير خلال مدة من الزمن تبعًا لسياق واقعها.
  • تهدف المنظمات ببنائها منظومات القيم؛ إلى تحفيز منتسبيها لتحقيق أهداف البيئة الحاضنة التي ينتمون إليها.

  • للقيمة ثلاثة أبعاد خفية هي: المعرفة والانفعال والاعتقاد؛ وبُعد رابع ظاهر، هو؛ السلوك.
  • القيمة الواحدة تتضمن قيمًا فرعية أخرى، وتكوّن في مجملها القيمة الأصلية.
  • تتداخل القيم مع بعضها، فبعض المكونات (القيم الفرعية) لقيمةٍ ما؛ قد تكون مكونًا لقيمة أخرى. لذا؛ توجد مكونات مشتركة بين القيم المختلفة، كما قد يكون المكون ذاته (القيمة الفرعية) قيمة أصلية بحد ذاتها.
  • القيم المنظمية تنظم علاقة الفرد بذاته، وعلاقته بزملائه في العمل، وعلاقته بذوي العلاقة داخل المنظمة وخارجها، ويفضل أنْ تتوافق مع قيمه الشخصية، وهذا يعني تفعيل القيم في ثلاث دوائر متكاملة هي: الفرد والمنظمة والمجتمع.
  • القيم مكتسبة؛ تخضع لجميع مبادئ التعلم وقوانينه وآلياته واستراتيجياته.
  • من الشروط الأساسية لفهم القيم: تحويلها من مفهوم مجرد إلى كيان واضح المعالم؛ بتعريفها، وتحديد مكوناتها الفرعية والسلوكات المعبرة عنها، والتي تمثل نقيضًا معها، وتحليل أبعاد المكونات، وإبراز منافعها ومضار العمل بما يناقضها، وآليات إكسابها ومسارات تمكينها، وهو ما نطلق عليه تجسيد القيم.
  • لكي نستطيع تمكين القيم لدى الأفراد، فلابد أنْ نتوجه ابتداءً إلى الراعي والمؤثر المسؤول عن إكساب القيم وتمكينها لدى الأفراد المتأثرين به.
  • توفير متطلبات البيئة الحاضنة للقيم المعلنة لتكون بيئة داعمة. والإلهام، والتعليم والتثقيف والتدريب؛ جميعها مسارات تساعد على تمكين القيم.
  • تمكين القيم لدى الأفراد يساعد في تحقيق أهداف البيئات الحاضنة لهم.
  • يهدف قياس القيم لدى الأفراد إلى التعرف على درجة اكتسابهم وتبنيهم للقيم الشخصية أو القيم المنظمية. أما قياس القيم للمنظمات (الشخصية الاعتبارية)، فيهدف إلى التعرف على درجة توفيرها لمتطلبات البيئة الداعمة للقيم.
  • القيم ليست مجرد مهارات وظيفية تقنية فقط، بل تستند إلى إيمان الفرد بها؛ لذا تعتبر «الرواد» أن اكتساب الفرد لقيمة ما، لا يتحقق إلا بإشراكه بعملية تمكينها، وبتحول القيمة لديه إلى قناعة شخصية، وموجه سلوكي يبني عليه اختياراته ومواقفه.

إشكال المصطلح

المدخل الصحيح لدراسة أي موضوع هو تعريف اللفظ لغةً واصطلاحًا؛ إذ يُيسر ذلك عملية الفهم، ويحدد الإطار العام له، ويميزه عن بقية الموضوعات المشابهة له.

المعنى اللغوي للقيمة

بعد مراجعة أغلب أمهات قواميس اللغتين العربية والإنجليزية، يتضح جليًّا أن الجذر اللغوي لكلمة «القيم» «Value» لا يتوافق إطلاقًا مع المفهوم السائد، والمعنى المتداول في الأطر النظرية للقيم.
فقواميس اللغة العربية ورد فيها استعمال لفظ «القيمة» بمعنى الثمن، وبمعنى «الثبات» و«الاستقرار»، فالقيمة واحدة القيم، وأصله الواو (ق و م)؛ لأنه يقوم مقام الشيء، يقال: قوّمت السلعة. وتأتي بمعنى الاستقامة والاعتدال، وقوّمت الشيء، فهو قويم أي مستقيم.
وقوام الرجل أيضًا قامته وحسن طوله، والقائم في الملك الحافظ له، والمقام والمقامة المكان الذي تقيم فيه، وماء قائمٌ أي دائم، وما لفلانٍ قيمة: إذا لم يدم على شيءٍ. (ينظر: لسان العرب 1994، القاموس المحيط 2005، مقاييس اللغة 1979، مختار الصحاح 1999، وتهذيب اللغة 2001، والفروق اللغوية 2014، معجم الصواب اللغوي 2008، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية 1979م، والقرارات المجمعية في الألفاظ والأساليب من 1943إلى 1987م ومعجم الصواب اللغوي؛ دليل المثقف العربي 2008 م).
وفي قواميس اللغة الإنجليزية تعرّف كلمة (Value) بأنها مفهومٌ؛ بمعنى «الشيء الثمين ذو الأهمية»، ويرجع في أصله الاشتقاقي إلى الفعل اللاتيني (Valeo) الذي يدل على «القوة»، ومعناه الأصلي «أنا قوي»، أو «أنا أتمتع بصحة جيدة». فيشمل من هذه الناحية؛ الشجاعة والصلابة والقوة، ومعانيَ أخرى كالتأثير في الأشياء، والقدرة على ترك بصمات قويّة عليها، وفي اللغة الفرنسية Valear بمعنى «القوة والشجاعة»، ينظر:

Sinclair, J. M. (2001).; Morris, W. (1969); Parks, R., Ray, J., & Bland, S. (1998).; MERRIAM, W. G., & Merriam, C. (1913).; Riverside Publishing Company. (1984).; Rundell, M. (Ed.). (2010).; Stevenson, A. (Ed.). (2010).; Wolman, B. B. (1989).; Cambridge Dictionary (2021).H

وذلك يعني أن التعريفات اللغوية لمصطلح القيمة في الأدب النظري المهتم بالقيم قد طُوعتْ؛ لتتوافق مع المعنى الاصطلاحي السائد، وليس لها أصل علمي.
كما أن التراث المعرفي العربي والإسلامي بجميع تخصصاته، وكذلك كتب الأدب الأجنبي قبل مئة عام، لم تتناول مصطلح القيم (Value) على الإطلاق كما بالمعنى الشائع الآن
.

المعنى الاصطلاحي للقيم

نظرًا إلى أن مفهوم «القيم» يدخل في مجالات العلوم الإنسانية كافة، فقد تنوّعت معانيه الاصطلاحية تبعًا للمجال والأساس النظري الذي ينطلق منه. فتعددت تعريفات العلماء والمتخصصين في العلوم الإنسانية في العصر الحديث.
ومنها تعريف روكيش وهو الأشهر (1985) Braithwaite, V. A., & Law, H. G.
الذي عرّفها بأنها «اعتقاد دائم (ثابت) بأنَّ نمطًا معينًا من التصرفات أو النواتج القائمة تعد شخصيًا أو اجتماعيًا مفضلة على نمط آخر من التصرفات أو النواتج القائمة، وأنها تمثيلات معرفية لحاجات الفرد أو المجتمع، وأنَّ الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يمكنه عمل مثل هذه التمثيلات».
وتداخل مفهوم القيم مع مفاهيم أخرى أبرزها الأخلاق، ويُلخص (خليفة، 1992 زاهر 1984، طهطاوي 1996م، الخياط، 1997، عكاشة، 1997، الشعوان، 1997م، حامد 2003، سليمان، 2006). الفرق بين القيم وبين المفاهيم الأخرى (الحاجات، الدوافع، الميول، الاتجاهات) القريبة منها، بإن القيم تتميز عن المفاهيم السابقة كافة في أنها أكثر تجريدًا وعمومية، ومحددة لاتجاهات الفرد واهتماماته وسلوكه. كما أنها تتسم بخاصية الوجوب أو الإلزام التي تُكتسب في ضوء معايير المجتمع والإطار الحضاري الذي تنتمي إليه. وهي خاصية تختلف باختلاف نوع القيمة، فالقيم الوسيلية (أو الوسيطة) مثلاً، تتميز بهذه الخاصية عن القيم الغائية، كما تتميز بها القيم الوسيلية الأخلاقية عن القيم الوسيلية التي تتعلق بالكفاءة. فالفرد يشعر بضغوطٍ كبيرةٍ عليه؛ ليسلك بأمانة ومسؤولية أكثر من الضغوط لأن يسلك بذكاء أو منطقية.
إن مزيدًا من الفهم للقيم، يتطلب التفريق بينها وبين المفاهيم الأخرى الأكثر تداخلًا مثل: الأخلاق والمبادئ والقانون والأعراف. وفيما يلي إشارة موجزة إلى بعض تلك الفروقات.

(1) الأخلاق أحد أنواع القيم
يُقسم الباحثون القيم إلى أنواع عدة، منها: الاقتصادية، والمهنيّة والإداريّة والسياسية، الاجتماعية، والجمالية والأخلاقية. وهذا النوع الأخير هو «الأخلاق»، وبذلك تكون جزءاً من القيم.

(2) كل الأخلاق إلزامية وبعض القيم اختيارية
الأخلاق والقيم تشملان الحسن والسيئ، فهناك خُــلق حسن وخُـلق سيئ، وكذلك القيم؛ لكن الفرق يكمن في أن الفرد يجب أن يتخلّـق بالأخلاق الحسنة، ويُعاب عليه لو تخلّق بالأخلاق السيئة؛ دون استثناء أي خُلق منها.
بينما في المقابل يُـفضـل أن يتبنى الفرد كل القيم الحسنة، لكنه لا يجب عليه تبنيها كلها بالضرورة، فعدم تبنيه لقيمة الابتكار مثلاً لا يخلّ بشخصيته؛ كما هو الحال إن لم يتخلق بالأخلاق الحسنة.

(3) القيم عالمية، والأخلاق مجتمعيّة
القيم إنسانية بحتة، وتتفق أغلب المجتمعات والأوطان على القيم، بينما الأخلاق مصدرها المجتمع، وتتباين باختلاف المجتمعات، والشرائع الدينية والعقائد والعادات والأعراف والتقاليد.

(4) المنظمات توصف بقيمها والأفراد بأخلاقهم وقيمهم
الأخلاق والقيم سمة يوصف بها الفرد فيقال: «شخصٌ لديه أخلاق وقيم حسنة أو سيئة»، بينما توصف مؤسسات الأعمال؛ بأن لديها قيم جيدة أو سيئة، كما أن الأخلاق تطغى في مجتمع الأسرة والمدرسة أو المجتمع بصورة عامة، ويهتم بها الراعون للأفراد، والمسؤولون عنهم في البيئات الداعمة، بينما تظهر القيم بشكل أكبر في المؤسسات الخدمية والإنتاجية.

ثلاثة مصطلحات مستقلة لا تتطابق وإن تشابهت، فالأخلاق متوافقة مع طبيعة الإنسان، وتتطلبها مهنته التي يعمل بها، لكنها تختلف في نوعها وتعريفها ومفهومها من مجتمع لآخر، كما أنها غير مرتبطة بملة أو دين محدد.
والقيم متوافقة مع طبيعة الإنسان وتتطلبها مهنته التي يعمل فيها، وتناسب جميع المجتمعات، فهي عالمية الموضوع، لكنها غير مرتبطة بالدين بالضرورة.
أما الأخلاق الإسلامية فهي متوافقة مع طبيعة الإنسان، وتتطلبها مهنته التي يعمل فيها، وتناسب جميع المجتمعات، ومرتبطة بالدين الإسلامي بل هو مصدرها.

المبادئ، جمع مبدأ، وهو القاعدة الأولى الأساس للشيء، والقواعد الحاكمة لأي مجال، مثل مبادئ التفكير أي: القواعد التي تحكم عملية التفكير، ومبادئ العلم أو النظرية، ويستخدمها بعض الباحثين مرادفًا للقيم خاصة في المفهوم الفلسفي إذ تعرف بأنها؛ كل ما يعتقده المرء ويكون مؤثرًا في توجيه عمله في السياسة أو الأخلاق أو الفنّ أو أيّ عمل من الأعمال، والفارق الأساس بينها وبين القيم أن الأولى تختص بالجانب الفكري المعتقد فقط، وتكون على شكل جمل وليست كلمات مفردة.
فالمبادئ قوالب فكرية، تطورت بتراكم الخبرة، ومصادرها متنوعة (الدين، التربية، العادات، القناعات الشخصية، الخبرة…)، وهي تشكل نظرتنا الكلية للحياة، وتعمل على تفسير الواقع وإكسابه معنى، كما تتدخل في صياغة قيمنا وترتيبها.

تُعد القيم قناعات داخلية للفرد ومتصالحة مع ذاته، بل وتشكل الجانب المثالي فيه، حيث تلزم الإنسان بعمل شيء متوافق معها، وتجبره على الابتعاد عمّا يخالفها.
بخلاف القانون الذي يكتسب صفة الإلزام الخارجية وليس له علاقة بقناعة الفرد؛ لأنه يُوضع لكل الناس، ويحاول واضعوه مراعاة مستويات الأفراد؛ فيستوي أمامه؛ الذكي والأقل ذكاءً، والغني والفقير، لذلك لا خيار فيه.
كما تهدف القيم إلى تشريع السلوك والدعوة إليه، بخلاف القانون الذي ينظم الحقوق والواجبات، فالقيم تسبق القانون بدرجة، وإنما يأتي القانون؛ لتنظيم القيم السامية التي أمر بها، ويجعلها ثابتة في ضمير الفرد والمجتمع.
ولأن القانون يُنظم تلك القيم القانونية؛ بهدف تطبيقها فإنه لا ينظم إلا جزءًا يسيرًا منها، بينما تبقى البقية الباقية على صورة يطبقها الناس طواعية.

العرف صورة غير مكتوبة للقانون، وله نفس صفاته، وبالتالي فإن فروقاته مع القيم هي ذاتها فروقات القيم عن القانون.
فالأعراف بشكلٍ عام عبارة عن أشياء رضيها الناس فيما بينهم، ومع مرور الزمن أصبحت ملزمة لهم.

حل إشكال المصطلح

إن «القيمة وجمعها القيم» في الأدبيات الحديثة؛ مصطلح حديث النشأة، وليس له أصل قديم في التراث الإنساني. وإن الأطر النظرية استخدمته تجاوزًا؛ ليعبر عن مفهوم جديد تم ابتكاره لمفهوم أعم من الأخلاق، ويختلف عن القوانين والأعراف والمبادئ.
كما أنّ مفهوم القيم وإن كان ظاهره يشير إلى أنه ينتمي إلى العلوم الإنسانية، وعلم النفس، وعلم الاجتماع على وجه الخصوص، إلا أنه قد تجاوزها إلى علم الإدارة والسياسة؛ حيث الحديث عن القيم المؤسسية والوطنية.
وعليه، فإننا نرى أنه يتوجب الإقرار ابتداءً بإشكال المصطلح وأنه حديث النشأة، وأن أي باحث فيه يجب أن ينطلق من تعريفٍ اصطلاحي أو إجرائي يتبناه، ثم يعرّف المفاهيم المرتبطة به قبل عرض نظريته أو فلسفته، وهذا ما فعله بعض الباحثين، وهو ما سنعرضه لاحقًا، وننطلق من بعده إلى شرح فلسفة فهم القيم.
كما أن من المفيد توضيح الغاية النهائية من البحث في موضوع القيم؛ لأن تلك الغاية ستقود بالتأكيد إلى تعريف المصطلح، وشرح فلسفة الباحث في فهم القيم، وذلك لم يكن جليًا في أغلب الأطر الفكرية والمفاهيمية العربية التي اشتغلت على موضوع القيم.